فواصل الرعب



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

فواصل الرعب

فواصل الرعب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
فواصل الرعب

حيس الرعب بلا حدود واحلامك ستصبح حقيقه مع فواصل رعب


    ملفات محقق / الملف رقم 2 / رحلة لعالم القصة الواقعية

    محمد قلق
    محمد قلق
    صاحب المنتدي مدير اداره المنتدي


    المساهمات : 117
    تاريخ التسجيل : 28/10/2009
    العمر : 34
    الموقع : القاهره

    ملفات محقق / الملف رقم 2 / رحلة لعالم القصة الواقعية Empty ملفات محقق / الملف رقم 2 / رحلة لعالم القصة الواقعية

    مُساهمة  محمد قلق السبت أكتوبر 31, 2009 8:03 pm

    ملفات محقق / الملف رقم 2 / رحلة لعالم القصة الواقعية Icon_eek الملف رقم 2 / الثأر /


    هناك بآخر كرسي في المطعم ، جلست أرقب الزبائن من تحت قبعتي و أنفث دخان سجارتي أتأمله في صمت و أسرح بتفكيري أين بامكاني أن أجدها ، و من أين أبدأ البحث داخل هذه المدينة الواسعة المكتضة بالناس ، و إن تقدمت بسؤال أحدهم أعرف تماما رده ، سينظر إلي بازدراء و ربما يلتفت للناحية الأخرى دون أن يعيرني أي اهتمام ، هذا مع العلم أن مظهري الأنيق لا يليق أبدا بشخص يبحث عن سيدة مثلها أو تحمل اسما كاسمها ، لكن هذا لا يهم ، عند الضرورة تباح المحضورة و أنا أبيحها لنفسي الآن ، فالمظاهر لن تنفعني في شيء و لن تزيدني إلا عرقلة لسبيلي ..

    أشرت للنادل أن يتقدم و بعدما دناَ مني سائلا عن طلبي قلت له : ليس أكثر من سؤال ، فابتسم في وجهي يفرد ذراعيه : طلباتك أوامر سيدي ..

    آآه كم يعجبني التواضع فيك أيها النادل و إني أخشى أن يختفي بعد سؤالك عنها ، فبعد أن أخذت نفسا عميقا نطقت أخيرا أسأله عن حاجتي ، و إنه بعدما سمعني أنطق اسمها توقف في مكانه دون حراك فقط فتح فمه أو بالأحرى فكه السفلي و أسقط الصينية من يده ، و لما استجمع نفسه أخذ يتمتم ثم يقول لي : أوَ تعرف كبر المدينة و حجمها ، ما من شخص عاقل سيعطيك اسما غريبا كهذا و وصفا كوصفك و يطلب منك أن تدله عليه ، و ما من عاقل يبحث عن إبرة داخل كومة قش ..

    لست أبالغ و إني استغربت فعلا ، لوقاحته أولا و لنفسي ثانيا فمعه حق ، لم أنتظر طويلا بل حملت نفسي و رميت بحقيبتي الجلدية على كتفي و خرجت من المطعم أشق طريقي وسط الزحام بالشارع ، و هناك قرب إشارة المرور أخذت ألوح بيدي لسيارات الأجرى المارة الى أن توقفت احداها ، دفعت جسدي النحيل داخلها و طلبت من صاحبها ... مهلا ، أقصد صاحبتها اذ كانت السائق امرأة ، كيف لا وعصر العولمة و التيكنولوجيا و المساواة و غيرها من العناوين يسمح بأغرب من هذا ..

    طلبت منها أن توصلني لأقرب فندق ممكن ، لتلوح بيدها بحركة شبابية ثم تقول : لبيك ، فقط سؤال : هل تريد فندقا جيدا من خمس أو أربع نجوم أم تريد فقط اسم الفندق و حجرة للنوم ..
    ضحكت لجرأة هذه السيدة و قلت لا فرق عندي غير أني أود مكانا أقضي به ليلتي .. أدارت المحرك ، و سارت السيارة تطوف بنا شوارع المدينة و أنا منهمك في تأملي للبنايات الشاهقة و المارة بالشارع كلٌ يسير و هدفٌ يدور برأسه .. و أنا لي كذلك هدفي ولا بد أن أبلغه هذه المرة و أن لا أعود خاوي الوفاض .. لازالت السيارة تخترق بسرعتها الهواء فتشقه نصفين بغير رحمة كما يشق مقص الخياط الأثواب أو أكثر ، الطقس الحار و كثرة الزحام و أصوات السيارات و دخانها المتصاعد يقلقني فلا أحتمله لأجدني أتوجه كل مرة للسيدة أسألها ما إن اقتربنا معلنا عن تضجري و مللي ..

    ها نحن الآن بأطراف المدينة حيث لا يوجد إلا منازل قيد الانشاء و نَسَمَةٌ خفيفة ، ثم ها هو ذا طريق صغير يقود خارجها و ها أنا الآخر أسأل السيدة : ألم نقترب بعد ؟ ، لأجد جوابا وحيدا يتكرر عند كل سؤال: أيها الغريب سأوصلك حتى مطلبك فلا تقلق ..

    لم يكن أمامي خيار غير الصمت و لو أن الوضع لا يدعو للطمئنينة ، لكني كنت أتجنب أن أحرج كرامتي كرجل و أخاف مجرد امرأة ، و هناك عند غروب الشمس ترسم لوحتها البديعة في الأعالي ، بمساحة خاوية لا يُرى لك منها إلا رمال على مد البصر تتلألأ تحت بقايا الأشعة الخافثة ، توقفت السيارة .. و استادرت السيدة نحوي تقول : انزل فقد وصلنا ..

    كشرت حاجباي في تعجب و أخذت أحدق فيها كتحديق طائر البوم في فريسته ، عبثا أحاول اخفاء جنوني المستعد ليثور في أي لحظة أسألها : وصلنا أين ؟ ..
    هناك رفعت طاقيتها و قد اتكأت بكتفيها على كرسيها و ابتسمت ..

    أجل ..إنها هي .. ابتسامتها لا و لن تخفى علي حتى و إن غيرت السنين في ملامحها ..

    بصعوبة ابتلعتُ الصدمة و بصعوبة استجمعت قواي و قبل أن ألفظ بكلمة قالت : لقد شققتَ طريقا طويلا حتى وصلت إلي ، و شققت أنا أطول منه حتى وصلت إليك .. إنك تريد الانتقام و أنا أودك أن تعرف الحقيقة ..

    إن من تسعى للانتقام لأجلها ليست والدتك و لم أقتلها و لم أضع لها السم في طعامها كما زعموا ، أول من تزوجها والدك كانت أنا ، لكنها دخلت حياتنا و أخذت تقلب فيها الأمور رأسا على عقب ، ووصل بنا الأمر بعد للانفصال عن بعض ، أخذوك مني و رحت أنا للقضاء أشكي ما ألـمّ بي ، لكن لم أجد من يعيرني اهتماما .. و مع تهديداتي الكثيرة المتواصلة لهما خططا أن يقضيا علي و يقتلاني ، فما كان منهما إلا أن يدعواني للغذاء في ذلك اليوم ، و يدسا السم في طبقي ، لكن الحظ كان لجانبي فاختلطت عليها الأمور و وضعت طبقي أمامها بدلا مني ، و لم يكن منها إلا أن تتسمم و تقع في شر فعلتها ..
    ظننت أن والدك سيلين بعدها ، لكن جن جنونه و اتهمني بقتلها و اتصل بالشرطة و حكى لك غير الذي في الواقع ، و أوهمك أن تلك كانت والدتك و أني ساحرة أفرق الأسر و أقتل النساء و غيرها من الأكاذيب و لا أدري ربما أخبرك أني جنية أو العمة الغولة أو أي شيء حتى تبتلع طعم كذبته .. كنت صغيراً حينها ، لذلك وجد من السهل جدا التحايل عليك ..

    بالفعل قصة مؤثرة ما سمعته عن المرأة ، لكن لم أستطع تصديقها و شيء بداخلي يقول تلك طريقة خبيثة في التملص من جريمتها و إعاقة لي حتى لا آخذ بثأري منها .. فما كان مني إلا أن أخرجت سكينتي من جيب سترتي التي أعددتها سابقا ، و بدون شفقة أو رحمة هويت أخترق بها صدرها و أمزقه شر تمزيق ، أروي بذلك عطش السنين للثأر و أخلص نفسي من عقدة لازمتني طيلة حياتي ..

    لقد كان قتلها هو الكابوس الوحيد الذي عشت عليه طفولتي و مراهقتي و ليلتها حققته .. كان مشهدا لذيذا و أنا أعيش نشوة الانتقام لوالدتي ، أغرس السكينة هنا و أخرجها و أعيد غرسها بمنطقة أخرى من جسمها ، حتى تلطختُ و تلطخ كل ما حولي بدمائها و لم أتوقف إلا على صوتٍ مألوف يقول : توقف ، توقف ، إنها والدتك ..

    حينها كان كمن دق مسمارا بقلبي ..

    إنه صوت أبي الواصل متؤخرا و قد خالطه صوت سيارات الشرطة ..

    سيدي المحقق ، لا أدري من المذنب حقا ، هل أنا ، أم والدي ، أم وصولكم المتأخر لمكان الجريمة ، لكن أدري و أعي شيئا وحيدا ، هو أني عشت كتلة زائدة لا تفيد و لا تزيد و لا تنقص . . و رميها خلف القضبان لن يغير من مصيرها شيئا ..

    نهاية الملف رقم اثنين

    ملفات محقق / الملف رقم 2 / رحلة لعالم القصة الواقعية Icon_cheers

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 1:30 pm